الأحد، 25 أكتوبر 2009

المحرومون (1)

بسم الله الرحمن الرحيم
أعزائي وأصدقائي :
الخطب جلل .. والمصاب عظيم .. والهوة تتسع .. والضحية يحتضر .. ونحن ننظر .. والله المستعان .. لا أدري من أين ابدأ ؟ وكيف أبدأ ؟
ولكني سأبدأ بعون الله ..سألملم كلماتي وأبدأ من الإحصائية الأخيرة التي أصدرتها وزارة الاقتصاد والتخطيط قبل أياموالتي أوضحت فيها أن عدد العاطلين والعاطلات يقارب الـ 438 ألف عاطل وعاطلة .
وقد شنت بعض المواقع الالكترونية هجوماً عنيفاً ضد هذه الإحصائية ووصفتها بافتقادها للمصادقية وقالت تلك المواقع أن العدد يفوق ما ذكر بكثير بحسب إحصائيات إلكترونية دقيقة .لن أكون منحازاً لجهة ما وسأأخذ بالإحصائية الرسمية لوزارة الاقتصاد والتخطيط 438 ألف عاطل .
كيف وصل العدد إلى هذا الرقم ؟؟
أين التخطيط ؟؟
أين النظرة المستقبلية ؟؟
أم أن القضية فقط مسميات ؟!
المهم لن أبالغ في العتاب ولن أبكي على اللبن المسكوب وأقول لازال العدد في نطاق السيطرة ولنبادر لإصلاح الخلل قبل وقوع الكوارث .. أقول الكوارث نعم لأن الأسباب الحقيقية لجميع الجرائم ....
( جرائم القتل - الاعتداء على الأعراض - السلب والنهب - المخدرات - ... الخ )
كل هذه الجرائم وغيرها سببها الحقيقي البطالة .
فتجد هذا الشاب أفنى عمره في البحث عن وظيفة تلبي احتياجاته وتغنيه عن السؤال فلم يجد ما يطمح إليه ...
بل لم يجد أقل من ذلك الطموح .. فتقطعت به السبل .. عندها تتنامى بداخله مشاعر الكره والحقد لن أقول ضد أحد معين ولكن أقول ...ربما ضد الكل فيصبح قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار متى ما حصلت أدنى ظروف الانفجار .فلا يخاف من عمل يعاقبه ولا من مستقبل ينتظره بل ربما كانت عنابر السجن أخف لديه منمعاناته اليومية التي يعيشها بلا وظيفة .بعكس ذلك الشاب الحاصل على الوظيفة فهو منهمك في عمله محافظاً عليه فلا يريد عمل شيء يؤثر على سلوكه أو سمعته في عمله فيبتعد عن كل بؤر الشك والارتياب ليعيش آمناً في نفسه ويأمن كل من يعيش حوله .أيها الإخوة :ليس للبطالة أضرارها الاقتصادية فحسب بل والله ولو تعلم الشعوب ما تسببه من مشاكل تربوية وخلقية واجتماعية .. لسارعت بالقضاء عليها قبل أن تسارع في وضع فلس واحد في غيرها من مشاريع التنمية .
أيها الإخوة :
تتقدم بلادنا يوماً بعد يوم .. وتُفتتح فيها العديد من المشاريع الجبارة والتي هي بحاجة ماسة وملحة لقوى عاملة تنهض بها ولكن مانراه مع ازدياد تلك المشاريع سوى زيادة في نسب البطالة ياترى ماهو السبب وراء ذلك ؟سأذكر أحد الأسباب الرئيسية وأقول إن معظم تلك المشاريع الريادية توكل إلى شركات القطاع الخاص والتي أرى أنها تحظى بدلال كبير ولا زالت تتمادى في غنجهيتها وتظلم شبابنا فهذا الشباب توكل إليه أعمالاً شاقة سيقوم بها لأنه بحاجة للقمة العيش ولكن كم سيدفع له هل سيكون راتباً مجزياً بلى والله إن أعلى راتب في تلك الشركات سأبالغ وأقول 2500 ريال !!
أين نحن في الصومال أم في قرن آخر من قرون إفريقيا بلى والله نحن في بلد الخير وتحت قيادة ملك الإنسانية جمعاء ولكن ما ذنب هذا المسكين الذي يكدح ليل نهار وربما بلا إجازة أو إجازة يوم في الأسبوع وما يتقاضاه لايكفي احتياجاته حتى نهاية الشهر ..
بل عليه أن ينسى مجرد التفكير في بناء مستقبله .بالله عليكم قولوا لي ماذنب هذا المسكين والذي لا يعد عاطلاً بل محسوب في إحصائياتنا من كبار الموظفين برأيهم وفي قانونهم ..... لا .. بل إن كثيراً من أقرانه الذين لا زالوايعيشون تحت وطأة البطالة يتمنون أن يصلوا إلى ما وصل إليه ليعيشوا فقط حاضرهم دون النظر للمستقبل المخيف الذي لو نظروا إليه .....( لا أستطيع الإكمال فغصصهم تملأ حناجرهم لو قلت ولربما قتلتهم )
** شاب يقضي كل وقته في الدراسة فيتخرج بشهادة جامعية ويجلس في بيته لا يجد وظيفة ولو بسيطة فهو يحمل البكالوريوس ولكنه يحمل مؤهلاً لسنا بحاجة له فهذا عشر سنوات بلا وظيفة والآخر اثنا عشر عاماً يعاني ويقاسي ظروف الحياة .خريجوا الكليات التقنية دخلوها والأمل يحدوهم في الحصول على وظائف مميزة فسوق العمل بانتظارهم كما رُوٍّج لهم ولكنهم حصلوا على ما هو أفضل من ذلك بكثير ... نعم ...( عاطلون مع مرتبة الشرف الأولى ) .
خريجوا المعاهد الصحية لا ولي ولا نصير .... !!
هؤلاء مجموعة ممن لديهم شهادات عليا ... عاطلون !!ولكن ما ذنب المساكين خريجي الثانويات العامة ممن أقفلت الجامعات أبوابها تجاههم ولم تقبلهم الوظائف العسكرية والمدنية بسبب مفاضلات لم يوفقوا فيها أو نقص سنتيمتراتمن أطوالهم أو غير ذلك من أعذار الإبعاد والطرد .بالله عليكم ماذنب هؤلاء البراعم ... هؤلاء الشباب الذين هم عماد الأمة ونحن نسعى لإبعادهم والتخلص منهم بدلاً من احتضانهم . إننا بذلك نقول لهم أنتم مجرمون ... مخربون ... أشرار .. ابتعدوا عنا .. لا نريد أن نراكم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق